في عالمٍ تغزوه العلامات التجارية العملاقة، حيث الأسماء اللامعة تملأ الفنادق والقصور والمعارض، يبرز صوت مختلف لا يطلب استعطافًا ولا يلهث وراء أضواء مؤقتة، بل يزأر بثقة: “نحن أيضًا لدينا ما نُقدّمه، لا أقل جمالًا، ولا أقل عمقًا”.
ذلك الصوت هو الفنان والمصمم إبراهيم عبدالعزيز المحارب؛ الذي لا يكتفي بأن يرسم أو ينحت، بل ينقش هويته على وجه الزمن. إنه لا يتعامل مع الخشب أو الحجر أو القماش فقط، بل مع المعنى والهوية والكرامة الثقافية.
هوية تبحث عن حضور عالمي
يرى المحارب في الزخرفة النجدية والحرف العربي أكثر من مجرد جماليات موروثة؛ إنهما لغة بصرية قادرة على مخاطبة الذوق العالمي، إذا قُدّما بفهم واعتزاز. وهو يحلم أن يرى تصميمًا نجديًا معاصرًا يزين لوبي فندق خمس نجوم في طوكيو، أو صالة استقبال في باريس، أو متحفًا في نيويورك.
بين التراث والحداثة
لا يسعى لأن يكون نسخة من “غوتشي” أو “لويس فيتون”، لكنه يستلهم كيف استطاعت إيطاليا وفرنسا تحويل تراثهما إلى علامات فاخرة. بالمقابل، يرى أن لدينا كنزًا سعوديًا اسمه الزخرفة النجدية، لم يُستخرج بعد كما ينبغي.
بالنسبة له، الخط العربي ليس حروفًا محبوسة في المصاحف والجداريات، بل عنصر تصميمي يجب أن يُحرّر ليصبح جزءًا من حياة الناس: على الحائط، في الأثاث، في الأزياء، وفي تفاصيل الحياة اليومية.
تصميم بروح رسالة
كل قطعة يصممها المحارب هي نداء للهوية، وكل نقشة يخطها هي إعادة ولادة للتاريخ بشكل معاصر. لا يرضى بالتقليد ولا بالمجرد، بل يقدم تصميمًا أصيلًا يفهمه العالم ويقدّره.
إنه لا يطرق أبواب العالمية متوسلًا، بل يدخلها بثقة الحرف والفكرة، وبصوت يقول: “نحن أهل الجمال، منذ القدم، والآن حان وقت عودتنا للمسرح”.
مشروع وطني متحرك
إبراهيم المحارب ليس مجرد مصمم أثاث أو فنان زخرفة، بل هو مشروع وطني يسعى لإعادة تقديم الهوية السعودية بشكل يليق بها عالميًا. هو لا يحتاج الدعم لنفسه بقدر ما تحتاجه الهوية، لتأخذ مكانها الطبيعي بين المدارس الفنية الكبرى في العالم.