بقلم الإعلامية: منار أيمن سليم
في عالم الطب، هناك من يتبع الطرق التقليدية في العلاج، وهناك من يسعى لاكتشاف أبعاد جديدة في التشخيص والتعامل مع الأمراض. الدكتورة دعاء زكريا ليست مجرد طبيبة، بل هي رائدة في مجال الطب الوظيفي والتغذية الإكلينيكية، حيث استطاعت المزج بين أمراض الجهاز الهضمي والكبد، والتغذية العلاجية، والطب الوظيفي لتقديم نهج متكامل في التعامل مع المشكلات الصحية المعقدة.
تخرجت الدكتورة دعاء زكريا في كلية الطب، وتخصصت في أمراض الكبد والجهاز الهضمي بجامعة عين شمس، حيث برعت في تشخيص وعلاج الحالات المستعصية. لكن شغفها بالعلم لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أدركت أن العديد من المرضى لا تتحسن حالتهم بالعلاج التقليدي فقط، وأن هناك حلقة مفقودة بين الأمراض المزمنة ونمط الحياة والتغذية.
من هنا، بدأت رحلتها في دراسة التغذية الإكلينيكية، ووسعت نطاق خبرتها لتشمل التغذية العلاجية داخل المستشفيات، وليس فقط لعلاج السمنة والنحافة كما هو شائع، بل لتكون جزءًا من الخطة العلاجية للعديد من الأمراض الباطنية والمزمنة.
مع مرور الوقت، تعمقت الدكتورة دعاء في البحث عن الأساليب الحديثة التي تعالج الأسباب الجذرية للأمراض، وليس مجرد الأعراض، مما دفعها إلى دراسة الطب الوظيفي وحصلت على شهادة ممارس معتمد من معهد الطب الوظيفي (IFM) في الولايات المتحدة.
يعتمد الطب الوظيفي على البحث عن الأسباب العميقة للأمراض، مثل اختلال توازن الجهاز المناعي، اضطرابات الهضم، الالتهابات المزمنة، ونقص العناصر الغذائية الأساسية. ومن خلال هذه المنهجية، استطاعت الدكتورة دعاء تحقيق نجاحات غير مسبوقة في علاج أمراض الجهاز الهضمي والمناعة الذاتية وحالات الأيض المعقدة.
لم تكتفِ الدكتورة دعاء بالبحث العلمي، بل كان لها دور فعال في تطوير أقسام التغذية الإكلينيكية في المستشفيات المصرية، حيث تولت:
1)رئاسة قسم التغذية الإكلينيكية في مجمع الجلاء الطبي العسكري
2)رئاسة قسم التغذية الإكلينيكية بمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق
3)إدارة أقسام التغذية العلاجية بالمركز الطبي العالمي ومستشفى السعودي الألماني بالقاهرة
وفي هذه المستشفيات، نجحت في إدخال مفهوم التغذية العلاجية المتكاملة ضمن البروتوكولات العلاجية، مما ساعد المرضى على التعافي بشكل أسرع وتحسين استجابتهم للعلاجات الدوائية.
الطبيبة التي غيرت حياة الآلاف عبر التوعية والتثقيف
إيمانًا منها بأن الوقاية خير من العلاج، حرصت الدكتورة دعاء زكريا على نشر الوعي الصحي بين الناس، حيث أصبحت من أبرز الشخصيات الطبية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تشارك متابعيها بمعلومات قيمة حول:
1)أساسيات التغذية الصحية وتأثيرها على الأمراض المزمنة
2)تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الأنظمة الغذائية والمكملات الغذائية
3)دور التغذية في دعم المناعة والصحة العقلية
وبفضل أسلوبها البسيط والقائم على العلم، استطاعت إلهام الآلاف لتغيير نمط حياتهم، وتحقيق تحسينات كبيرة في صحتهم من خلال التغذية الصحيحة والطب الوظيفي.
لماذا تعد الدكتورة دعاء زكريا حالة استثنائية في المجال الطبي؟
ما يميز الدكتورة دعاء زكريا أنها استطاعت دمج ثلاثة مجالات طبية مهمة، وهي:
1. أمراض الجهاز الهضمي والكبد
2. التغذية الإكلينيكية والعلاجية
3. الطب الوظيفي والعلاج الجذري للأمراض
وهذا الدمج جعلها رائدة في تقديم حلول صحية متكاملة للمرضى، حيث لا تكتفي بوصف الأدوية فقط، بل تعمل على إصلاح الخلل في وظائف الجسم وتعزيز الصحة العامة.
رؤيتها المستقبلية.. نحو تطوير الطب الوظيفي في مصر
من خلال رئاستها للجمعية المصرية للطب الوظيفي (EFMA)، تعمل الدكتورة دعاء زكريا على نشر الطب الوظيفي في مصر والشرق الأوسط عبر عدة مبادرات، منها:
1)تنظيم دورات تدريبية للأطباء حول الطب الوظيفي والتغذية العلاجية
2)إجراء أبحاث علمية حول العلاقة بين التغذية والأمراض المزمنة
3)إدخال منهج الطب الوظيفي ضمن المناهج التعليمية في كليات الطب المصرية
الدكتورة دعاء زكريا ليست مجرد طبيبة، بل هي قائدة طبية ورائدة في مجال الطب الوظيفي والتغذية العلاجية، نجحت في تغيير حياة الكثيرين من خلال العلم، والتجربة، والرؤية الشاملة للصحة. بفضل جهودها، أصبح العلاج في مصر لا يقتصر على الأدوية فقط، بل يشمل تحسين نمط الحياة، والتغذية السليمة، والتعامل مع الأسباب الجذرية للأمراض، مما يجعلها نموذجًا فريدًا للطبيب الذي يسعى لتغيير مفهوم الصحة والعلاج.