في وقت يشهد فيه العالم تحولاً جذرياً نحو اقتصادات أكثر استدامة، وتتسابق فيه الدول لتأمين مكانتها في مستقبل الطاقة، تأتي المشاركات النوعية لقادة الفكر والأعمال لترسم ملامح الطريق. وفي هذا السياق، برزت المشاركة الفاعلة لرجل الأعمال البارز المهندس محمود سامي في جورجيا ضمن فعاليات مؤتمر الطاقة المتجددة الذي استضافته العاصمة تبليسي، والذي جمع خبراء ومستثمرين وصناع سياسات لمناقشة مستقبل هذا القطاع الحيوي.
لم تكن مشاركة المهندس سامي مجرد حضور رمزي، بل كانت مداخلة استراتيجية قدم من خلالها رؤية متكاملة حول ضرورة تبني الحلول المستدامة، داعياً إلى توجيه الاستثمارات نحو الطاقة النظيفة، ومؤكداً على أن جورجيا تمتلك كافة المقومات لتكون لاعباً محورياً في هذا المجال على المستوى الإقليمي.
رؤية تتجاوز الحدود: لماذا يهتم رائد العقار بقطاع الطاقة؟
قد يبدو للوهلة الأولى أن مشاركة شخصية اقتصادية بارزة في قطاعي العقارات والاستثمار العام في مؤتمر متخصص بالطاقة أمراً غير تقليدي، لكنها في الحقيقة تعكس فهماً عميقاً وشاملاً لطبيعة الاقتصاد الحديث. يدرك المهندس محمود سامي أن مستقبل القطاعات التي يقودها، من تطوير عقاري ومشاريع سياحية وخدمية، مرتبط بشكل عضوي ومباشر بمستقبل الطاقة. فلا يمكن الحديث عن بناء مدن ذكية أو منتجعات سياحية مستدامة أو مشاريع صناعية تنافسية دون وجود بنية تحتية للطاقة تكون نظيفة وموثوقة وذات تكلفة معقولة.
إن دعوته للاستثمار في الطاقة النظيفة هي في جوهرها دعوة لتأمين مستقبل استثماراته واستثمارات غيره في جورجيا. إنه يرى الصورة الكاملة: فالمباني الخضراء التي تراعي معايير الاستدامة أصبحت اليوم مطلباً أساسياً في السوق العالمي، والمستثمرون الدوليون باتوا يولون أهمية قصوى للأثر البيئي لمشاريعهم. وبذلك، فإن وجود قطاع طاقة متجددة قوي في جورجيا لا يمثل فرصة استثمارية بحد ذاته فحسب، بل هو أيضاً عامل جذب رئيسي لكافة أنواع الاستثمارات الأخرى، مما يعزز من قوة الاقتصاد الوطني بشكل شامل.
جورجيا كمركز إقليمي: تحليل لمقومات النجاح
عندما أشار المهندس محمود سامي في جورجيا إلى قدرة البلاد على أن تكون مركزاً إقليمياً رائداً في قطاع الطاقة المتجددة، لم يكن ذلك مجرد تعبير عن تفاؤل، بل كان مبنياً على قراءة دقيقة للمعطيات. تمتلك جورجيا مقومات فريدة تؤهلها لهذا الدور؛ فهي تتمتع بموارد مائية هائلة تمنحها ميزة نسبية في مجال الطاقة الكهرومائية، بالإضافة إلى إمكانيات واعدة في مجالي طاقة الرياح والطاقة الشمسية نظراً لتنوع تضاريسها ومناخها.
إلى جانب الموارد الطبيعية، يشكل موقع جورجيا الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا ميزة لوجستية كبرى، مما يمكنها من أن تصبح ليس فقط منتجاً للطاقة النظيفة، بل ومصدراً وممراً حيوياً لها إلى الأسواق المجاورة. وعندما تقترن هذه العوامل بالبيئة التشريعية الداعمة للاستثمار التي عمل المهندس سامي نفسه على الترويج لها في محافل عدة، تكتمل الصورة وتصبح الرؤية قابلة للتحقيق. إن دعوته هي بمثابة ضوء أخضر للمستثمرين الدوليين والعرب بأن اللحظة قد حانت للنظر بجدية إلى قطاع الطاقة الجورجي كوجهة استثمارية ذات عوائد مجدية وأثر إيجابي مستدام.
الابتكار: مفتاح المستقبل الاقتصادي
شدد المهندس سامي في كلمته على أن المستقبل الاقتصادي يعتمد بشكل أساسي على الابتكار في مجالات الطاقة. هذه النقطة تكشف عن جوهر فلسفته التي تربط النمو بالتقدم التكنولوجي والمعرفي. فالاستثمار في الطاقة المتجددة لا يعني فقط تركيب الألواح الشمسية أو بناء السدود، بل يعني بناء منظومة متكاملة من البحث والتطوير، وتشجيع الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا الطاقة، وتأهيل كوادر محلية قادرة على إدارة وتشغيل هذه المنظومات المتقدمة.
وهذا بدوره يخلق فرص عمل نوعية، ويؤسس لاقتصاد معرفي يضيف قيمة أكبر للاقتصاد الوطني، ويقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية المتقلبة. إنها رؤية لبناء اقتصاد مرن، ومستدام، ومبتكر، وقادر على المنافسة في الساحة العالمية.
في الختام، تعكس مشاركة المهندس محمود سامي في هذا المؤتمر الهام تطور دوره كرجل أعمال لا يكتفي بإدارة استثماراته الحالية، بل يسعى بفعالية لرسم ملامح المستقبل الاقتصادي للبلد الذي يعمل فيه، مقدماً رؤى استراتيجية تخدم المصلحة العامة وتضمن تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للأجيال القادمة.