لم يكن الانتقال إلى الدراسة الجامعية في المجال الطبي أمرًا سهلًا بالنسبة لي، خاصة مع اختلاف اللغة التي يتم بها شرح المواد عن تلك التي اعتدت استخدامها في سنواتي الدراسية السابقة. وجدت نفسي في بداية الطريق أمام كمّ كبير من المصطلحات العلمية الدقيقة، وأسلوب دراسي جديد يتطلب فهمًا عميقًا بلغة لم أكن أمتلك فيها الثقة الكافية.
شعرت في البداية بنوع من العزلة داخل القاعة، وكأن ما يُقال يدور في عالم لا أنتمي إليه بعد. كنت أخرج من المحاضرات مثقلًا بالأسئلة، أراجع ملاحظاتي ولا أجد فيها ما يكفي لفهم المعنى الحقيقي للمادة. كان الأمر محبطًا، لكن بداخلي كان هناك إصرار على أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.
قررت أن أبدأ من نقطة أستطيع التحكم بها: تطوير لغتي. التحقت بكورسات في اللغة الإنجليزية، وحرصت على تخصيص وقت يومي لتحسين المهارات اللغوية الأساسية التي أحتاجها لفهم المحاضرات والمواد العلمية. ومع كل خطوة كنت أشعر أن الحاجز بيني وبين المحتوى الأكاديمي بدأ يضعف شيئًا فشيئًا.
لكن التطوير لم يقتصر على الكورسات فقط. كلما واجهت جزءًا لا أفهمه، كنت أبدأ في البحث عنه بنفسي. لا أتوقف عند سؤال واحد أو مصدر واحد، بل أبحث حتى أجد الشرح المناسب الذي يساعدني على استيعاب المعلومة جيدًا. هذه العادة أصبحت جزءًا من أسلوبي في المذاكرة، وغيّرت طريقة تعاملي مع أي صعوبة تواجهني.
بمرور الوقت، بدأت ألاحظ الفارق بوضوح. صرت أكثر ثقة في فهمي للمحتوى، وأكثر قدرة على متابعة المحاضرات والمشاركة فيها. لم يكن الطريق سهلًا، لكنه علّمني أن التحديات اللغوية والمعرفية يمكن تجاوزها بالإرادة، وأن كل مجهود يُبذل في سبيل التعلم لا يضيع، بل يبني طبقة جديدة من الثقة والمعرفة.