البيان الأخير الصادر عن نقابة العلاج الطبيعي، واللي تناول فيه تخصص الإصابات والتأهيل والعلاج الحركي، أثار موجة من الجدل المهني في الأوساط العلمية والطبية في مصر. ورغم إن البيان يبدو ظاهريًا دفاعًا عن اختصاص، إلا إن مضمونه يفتح الباب أمام إشكالية كبيرة قد تهدد وحدة وتكامل المنظومة الصحية، وتخلق انقسامات حادة داخل صفوف فرق التأهيل الطبي.
الرد اللي صدر من الجمعية المصرية للطب الرياضي والعلاج الحركي، كان واضح وصريح، ومبني على مرجعيات أكاديمية وعلمية، وأكد إن أخصائيي الإصابات والتأهيل لا يدّعون ممارسة الطب ولا العلاج الطبيعي، ولكنهم يعملون في نطاق تخصصهم العلمي الدقيق، كجزء من منظومة التأهيل الحركي، المعترف بها في مصر وخارجها.
لكن الخطر الحقيقي مش في اختلاف وجهات النظر أو تباين التخصصات، ده طبيعي في أي منظومة صحية.
الخطر الحقيقي هو لما تتحول هذه الاختلافات إلى صراع مفتعل، أو حملة تشويه ممنهجة، تزرع العداء المهني بين زملاء المهنة الواحدة، وتفصل أعضاء الفريق الطبي عن بعض.
اللي بيحصل دلوقتي ممكن يتطور – لو ما تمش احتواؤه – إلى فتنة مهنية واجتماعية، ما بين أخصائيي العلاج الطبيعي من جهة، وأخصائيي التأهيل والإصابات من جهة تانية، وده مش بس هيأثر على سُمعة المهنة، لكن هيهدد ثقة المريض نفسه في المنظومة ككل.
لما المجتمع يشوف خلافات علنية بين المتخصصين، بدل ما يلاقي تعاون وتكامل في خدمة المريض، فده بيمسّ مش بس الجانب المهني، لكن كمان بيهدد الأمن المجتمعي بشكل غير مباشر.
لأن الصحة مش خدمة فردية، ولا ترف.. الصحة أمن قومي، ولما تتأثر ثقة الناس في فرق العلاج والتأهيل، بيحصل خلل في واحد من أهم دعائم المجتمع: “الصحة والسلامة الجسدية للمواطن”.
وده كله بيحصل في وقت المفروض نكون بنبني فيه فرق عمل متعددة التخصصات (Multidisciplinary teams)، وندفع نحو التكامل بدل التنازع، ونعتمد على كل دور متخصص بدقة، كلٍ في مساره العلمي.
بيان الجمعية مش دفاع عن وجود، لكنه تحذير من تمادي بعض الجهات في محاولات الإقصاء وتضييق الخناق المهني، واللي لو استمر، ممكن يخلق حالة من الانقسام المؤسسي اللي إحنا في غنى عنها تمامًا.
واللي لازم نأكد عليه إن:
-
لا التأهيل الحركي بديل عن الطب.
-
ولا أخصائي الإصابات بيحل محل العلاج الطبيعي.
-
لكن كلهم شركاء في رحلة المريض، من الإصابة للشفاء.
فهل نسمح لنقاش علمي يتحوّل لصراع سلطوي؟
ولا نرجع نعيد ضبط البوصلة ونفكّر في مصلحة المريض أولًا؟
دي أسئلة لازم نسألها قبل ما نلاقي نفسنا في مشهد مهني مهدد بالانقسام… ومجتمع بيدفع التمن.